الزكاة
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده
ويقدر له، أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه
وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله
عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا،
قال تعالى:( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا
وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم) ويقول سبحانه:
( فبشر عباد* الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه)
أيها المؤمنون: نحن على أبواب شهر كريم، تتضاعف
فيه الحسنات، ويقبل الناس فيه على فعل الخيرات،
وتتنزل فيه الرحمات، ويسارع المسلم فيه إلى
الإنفاق وإخراج الصدقات، ومن أهمها ما افترضه الله
تعالى وهو الزكاة، قال تعالى(والذين في أموالهم
حق معلوم * للسائل والمحروم)
والزكاة نسبة محددة من المال، يخرجها المسلم
الغني الذي يملك نصابا معينا مضى عليه عام قمري
كامل، ولأهمية الزكاة قرنها الله تعالى بالصلاة في
أكثر من موضع في القرآن الكريم، قال ابن عباس
رضي الله عنهما: ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاث، لا
تقبل
منها واحدة بغير قرينتها: الأولى قول الله
تعالى( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فمن أطاع الله ولم
يطع الرسول لم يقبل منه، والثانية قوله
تعالى( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) فمن صلى ولم
يزك لم يقبل منه، والثالثة قوله تعالى( أن اشكر
لي ولوالديك) فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم
يقبل منه.
والزكاة شعار أهل الإيمان، قال تعالى:( تلك آيات
القرآن وكتاب مبين* هدى وبشرى للمؤمنين* الذين
يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم
يوقنون)