السبت، 30 نوفمبر 2013

الدولة تقرر مجددا تأجيل إطلاق الجيل الثالث للنقال




السلطة متخوفة من الصوت والصورة


الدولة تقرر مجددا تأجيل إطلاق الجيل الثالث للنقال
الجزائريون مجبرون على تغيير شرائحهم للاستفادة من الجيل الثالث
 من تأجيل إلى آخر، يتضح أن مشكلة تحرير الصوت والصورة وسرعة تبادل المعطيات يبقى مصدر إزعاح للسلطة السياسية، وعلى غرار القطاع السمعي البصري، فإن الجيل الثالث للهاتف النقال الذي يتيح سرعة انسيابية كبيرة لانتقال وتحويل المعطيات والصوت من نقطة إلى أخرى، يُشكل قلقا مع اقتراب موعد انتخابي رئاسي في أفريل المقبل. فهل تتحاشى السلطة السياسية إدخال أي عنصر يمكن أن يساهم في خلط الأوراق المرتبة والحسابات الموضوعة عشية الرئاسيات، ما يحتم على صناع القرار التفكير في التأجيل إلى ما بعد الموعد الرئاسي لمشروع عرف تعطلا متكررا في السابق؟
وتظل السلطة السياسية حبيسة حسابات وهواجس يمكن أن يُفسر جوانبَ منها تبني اختيار التحكم في مسار التغيير التدريجي بدلا من إطلاق العنان لمسار يمكن في نهاية المطاف أن يفلت من زمام السيطرة، خاصة أن التجربة بينت على خلفية ما اصطلح عليه بالربيع العربي أن تعميم استخدام التكنولوجيات الرقمية ساهم بقسط كبير في عمليات التجنيد والتواصل والاتصال وسرعة نقل الصورة الحية، وعليه فإن خيار التأجيل المتكرر لعملية إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقال بالجزائر يمكن أن يُفسر في جانب منه -بعيدا عن الاعتبارات التقنية- بجملة المخاوف التي تنتاب البعض من إمكانية مساهمة الوسائل التكنولوجية الجديدة في خلط الأوراق، وهي الوسائل الفعالة المتعارف عليها دوليا منذ الأحداث التي عرفتها دول أوروبا الشرقية، فالبلدان العربية.
فمن الناحية العملية،كان بإمكان الحكومة أن تعتمد مرسوما تنفيذيا في ظرف أيام قليلة، خاصة أن المسار بدأ مند مدة طويلة قاربت السنة بعد أول تأجيل في عام 2011، ومن خلال وضع المبررات والحجج الجديدة على شاكلة فرض الشرائح والترقيم الجديد، فإن هذه الترتيبات التي كان يمكن القيام بها بمجرد اعتماد دفتر الشروط، ستستلزم مدة زمنية بعد التوقيع على المرسوم ثم صدوره في الجريدة الرسمية مع بداية السنة المقبلة عدة أسابيع، وعليه ستتقاطع الرزنامة مع ما بعد انتخابات أفريل، حيث يتطلب تحضير المتعاملين للشروط المطلوبة مدة إضافية لا تقل عن ثلاثة أشهر.

  المتعاملون ملزمون باعتماد محاسبة منفصلة ودفع ضرائب على الأرباح
الجزائريون مجبرون على تغيير شرائحهم للاستفادة من الجيل الثالث


 سيفرض اعتماد الجيل الثالث للهاتف النقال عدة التزامات على المتعاملين والمشتركين على حد سواء، بداية بضرورة تغيير كل المشتركين لشرائحهم أو إضافة شريحة ثانية الأولى للاتصالات الصوتية والثانية للمعطيات والإنترنت. فيما يلزم المتعاملون باعتماد محاسبة تحليلية خاصة بالجيل الثالث وتسديد ضرائب تتراوح ما بين 20% إلى 30% من الأرباح.
وتشير مصادر متصلة بقطاع الاتصالات لـ“الخبر” أن الإجراءات المعتمدة ستساهم في تأخير إطلاق الجيل الثالث ورفع كلفتها وإمكانية مراجعة الأسعار أيضا لارتفاع التكاليف، فمع بداية تشغيل الشبكة الخاصة بالجيل الثالث التي تطلبت استثمارات كبيرة في التجهيزات والعتاد وعصرنة لأخرى، يتم توفير شريحة جديدة بمواصفات مختلفة عن شريحة الجيل الثاني لتتحمل تبادل المعطيات والصورة وتعرف اختصارا بـ “يوسيم” بدلا عن “سيم” بالنسبة للأولى، ومعناها “وحدة تحديد هوية المشترك العالمي”، وهذه البطاقات الذكية الجديدة تحمل مواصفات تتضمن كافة المعلومات الخاصة بالمشترك وتحديد تفاصيل غير متوفرة في الشريحة القديمة.
وفي حالة البلدان الصاعدة والصناعية في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، فإن المشترك غير ملزم بتغيير الشريحة والرقم، بل يمكنه تحيين شريحته السابقة أو ما يعرف بـ “سواب” لجعلها قابلة للاستخدام والانتقال من الجيل الثاني إلى الثالث، بينما تفرض في الجزائر تكاليف إضافية وبنية تحتية وبنوك معطيات ووقتا إضافيا لاعتماد شرائح جديدة وأرقام مغايرة، علما أن الشرائح يتم استيرادها من البلدان الأوروبية وتركيا عموما. ويُطرح سؤال حول مبررات اختيار أصعب وأعقد الآليات أي الانطلاق من نقطة الصفر واقتناء شرائح جديدة، بدلا من الاحتفاظ بالسابقة وتحيينها.
أما ثاني شرط لاعتماد الجيل الثالث فإنه يتعلق بنوعية الهواتف المستخدمة، حيث يتوجب لضمان الخدمة استخدام الهواتف الذكية “سمارتفون” أو اللوحات لاستغلال أمثل للجيل الثالث، إلى جانب مفاتيح الإنترنت التي يمكن استخدامها على أجهزة الكومبيوتر المحمول.
ويستفيد المشترك من تقنية الجيل الثالث زائد أو 3.75، أو ما يعرف بنظام “أش أس بي أي بلاس”، والتي تسمح ببلوغ سرعة تدفق تتراوح بين 7.2 ميغابيت و42 ميغابيت في الثانية، ما يسمح بتوفير الاتصال الصوتي والمرئي، أي أنه يمكن رؤية المتصل والتحدث معه في آن واحد، وإرسال الرسائل النصية القصيرة “أس أم أس” والرسائل المتعددة الوسائط “ أم أم أس”، علاوة على تحميل الصور والبيانات والفيديو وإرسالها، مع ملاحظة منع تداول عدد من التطبيقات مثل “سكايب” و”فايبر”، ويوفر المتعاملون عدة عروض منها الدفع القبلي، أي أنك تدفع قيمة معينة تستهلكها يوميا بتدفق معلوم أو الدفع البعدي، مع اعتماد أسقف متدرجة واستهلاك يومي محدد، مثلا استهلاك 20 جيغابيت بـ1500 دينار أو 2000 دينار.
بالمقابل، يتعين على المتعاملين اعتماد محاسبة تحليلية خاصة بالجيل الثالث، وتفرض على أرباح عائدات هذا الجيل ضرائب يمكن أن تتراوح ما بين 20 إلى 30%، لأن أرباح الجيل الثالث ستكون أعلى من أرباح الجيل الثاني. كما منح دفتر الشروط سلطة الضبط كافة الصلاحيات في تحديد ومنح الأرقام وكتلة الأرقام لاستغلال شبكة الجيل الثالث، حيث إن أي تغيير لمخطط الترقيم الوطني يتم بالتشاور بين سلطة الضبط والمتعاملين. مع فرض شروط على المتعاملين لتوسيع الشبكة المتصلة بالملاحة الجوية والدفاع الوطني والأحوال الجوية والصحة العمومية وتهيئة الإقليم وحماية البيئة والمحيط، والتجمعات الكبيرة التي تكون في الطريق العام. وحذر المتعاملون من استعمال تجهيزات الاتصالات ومحطات الراديو لتحويل الإشارة التابعة للجيش الوطني الشعبي والأمن الوطني.


سلطة الضبط تخلط حسابات المتعاملين والتردد لا يزال قائما لدى الحكومة
الدولة تقرر مجددا تأجيل إطلاق الجيل الثالث للنقال

جاء الإعلان المزدوج لوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال وسلطة الضبط بتأجيل إطلاق العملية التجارية للجيل الثالث للهاتف النقال الذي كان مقررا في الفاتح ديسمبر الجاري وإلزامية فرض شريحة أو رقم جديد، ليضفي غموضا كبيرا على مسار تخلله الكثير من التعثر، ويؤكد الضبابية التي تتخبط فيها السلطات العمومية بخصوص اعتماد تكنولوجيا سبق أن تبنتها معظم البلدان الإفريقية، ناهيك عن الصاعدة والمتطورة، ويتعلق الأمر بالجيل الثالث بصيغه الأول القاعدي أو المحسّن، ويخلط أيضا حسابات المتعاملين.
 خرجت وزيرة القطاع زهرة دردوري بصورة مفاجئة لتعلن أول أمس مجددا عن تأجيل موعد الإطلاق الرسمي والتجاري للجيل الثالث للهاتف النقال الذي كان مرتقبا في الفاتح ديسمبر، مرجعة ذلك إلى ارتباط عملية إطلاق التقنية بتوقيع الوزير الأول عبد المالك سلال، وصدور المرسوم التنفيذي للمنح الرسمي للرخص الثلاث لمتعاملي الهاتف النقال، وتقدم تاريخا جديدا لذلك نهاية الأسبوع المقبل بدلا من الفاتح ديسمبر، على أن تشعر سلطة الضبط بعدها المتعاملين بتقديم العروض الخاصة بها في “أفضل الآجال”.
إلا أن هذا الإجراء صاحبه آخر سيعقّد من مهمة المتعاملين أكثر ويؤخر عملية إطلاق الجيل الثالث، ويتعلق الأمر بوجوب تخصيص شريحة ثانية للجيل الثالث منفصلة عن الشريحة الأولى للجيل الثاني، أي ضرورة أن يتوفر للمشترك رقم جديد وشريحة هاتف جديدة للإبحار على شبكة الإنترنت والتعامل مع المعطيات، مقابل استخدام الشريحة الأولى للاتصالات الصوتية فقط، حيث ستقدم سلطة الضبط لكل متعامل أرقاما تسلسلية خاصة به.
وتطرح هذه الإجراءات عدة تساؤلات ونقاط ظل حول المغزى من تماطل السلطات العمومية لاعتماد تكنولوجيا أضحت متأخرة مقارنة بالتقنيات المعتمدة في العديد من البلدان النامية، ناهيك عن الصاعدة والمتقدمة، ففي الوقت الذي انتشر فيه الجيل الرابع في أوروبا وحتى في دول افريقية، فإن العديد من البلدان الصاعدة والآسيوية تقوم بتجريب الجيل الخامس للهاتف النقال، فالمسار الذي كان مفترضا أن يعتمد في 2011 لا يزال يعرف تأجيلا تلو التأجيل لأسباب غير موضوعية، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإجرائي الذي لا يتطلب كل هذه المدة، فضلا عن تدابير غير مفهومة مثل تلك التي تفرض فصل رقم الهاتف الأول والشريحة الخاصة بالجيل الثاني مع طلب شريحة ثانية ورقم جديد، ما يفض توفير قاعدة لوجستيكية كبيرة ومكلفة لتوفير الشرائح المؤمّنة الجديدة، وإعادة اعتماد قاعدة بيانات قد تدفع الكثير من المشتركين إلى العزوف عن الاشتراك في “G3”.


مولاي امحمد .
..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus for عالم الإحتراف